كان هناك محل لبيع وصياغة الذهب والمجوهرات وكان يديره رجل كبير السن يظهر عليه التطوع والتعلق بالدين والصلاح، وفي ليلة من الليالي دخل إليه رجل وكان معه خاتم مكسور فأعطاه للصائغ ليصلحه، فأخذه منه الصائغ وبدت عليه علامات الذهول من شكل هذا الرجل فقد كان البياض عنوانه، أبيض البشرة أبيض الشعر أبيض اللباس أبيض النعل ذو لحية طويلة وبيضاء، فقال له الصائغ: هل لك يا سيدي أن تستريح على هذا الكرسي حتى أنتهي من تصليح خاتمك. فجلس الرجل دون أن ينطق بأي كلمة وخلال هذه اللحظة دخل رجل وزوجته إلى المحل وبدأوا يستعرضون المحل ومن ثم سألت الزوجة عن سعر عقد أعجبها فقال لها الصائغ: أعطني دقيقة يا سيدتي حتى أنتهي من خاتم هذا الرجل الجالس يمينك، فذهل الزوجان من الصائغ وخرجا من المحل مسرعين..! تعجب الصائغ من سبب رحيلهما بهذا الشكل وأكمل عمله فإذا رجل يدخل المحل وبيده سوار مكسور، فقال للصائغ: إني في عجلة من أمري وأريد تصليح هذا السوار، فقال الصائغ: حاضر يا سيدي ولكن دعني أنهي خاتم هذا الرجل على يمينك، وتلفت الرجل يميناً وشمالاً فلم يجد أحدا فقال: أجننت يا رجل لا أحد هنا، فخرج غاضباً، فجن الصائغ من الموقف وبدأ يذكر الله ويقرأ المعوذات، فقال له صاحب الخاتم: لا تخف أيها الرجل المؤمن إنما أنا مرسل من عند ربك الرحيم لا يراني إلا عباده الصالحين وقد أرسلت لأقبض روحك الطيبة إلى جنة النعيم فقد كنت قبل قليل بالجنة في بيتك المنير وقد شربت من ماء نهرك العذب وأكلت من بستانك العنب، فطار عقل الصائغ فرحاً وبدأ يحمد الله، وأكمل الرجل قائلاً: كما أني أحمل منديلا أخذته من بيتك بالجنة فأبشر برائحة الجنة، فأخرج المنديل من جيبه وقال: أيها العبد الصالح شم رائحة الجنة، فأخذ الصائغ المنديل فشمه شمة قوية ثم قال: آآآآه إنها رائحة لا تخطر على بال البشر، ثم أخذ شمة أخرى أقوى من الأولى، ثم قال: يا لها من رائحة تذهب العقل يا لها من رائحـ……..!! ثم أغمي عليه.

 

بعد فترة ليست بطويلة استعاد الصائغ وعيه وإذا به يلتفت بكل الاتجاهات فوجد أن محله قد سرق بالكامل ولم يبق أي شي، فقد كانت الرائحة القوية بالمنديل هي مادة مخدرة وكان الرجل ذو اللباس الأبيض عضواً في عصابة ومعه أيضاً الزوجان والرجل ذو السوار المكسور..!